ربما حان الوقت لنعود بذلك القطار المتهالك ما يقارب الخمسة أعوام وأعيد الصورة من جديد ربنا أرى ما لم أراه مسبقاً .. فلأبدأ رحلتي وأنا على موعد مع عالمي السابق .. فلأغفو قليلاً في دفئ هذا القطار قبل أن أصل على ذلك العالم الذي لم أعد اذكر ثناياه ولا اذكر له إلا ظلاماً وبرودة يرتعد لها جسدي كله لمجرد تذكرها ..
وها قد مر هذا القطار سريعا ما بين لحظات حياتي ليعود إلى حيث أردت ... نفس المشاهد كما تركتها وكأنها دفنت في خيالي منذ زمن بعيد ولم اعلم عن وجودها شئ .. ها انا ذلك الطالب في المرحلة الثانوية الذي لا يملك في الحياة إلا لهوه على رمال البحر وحيداً وكثيراُ من مسائل الرياضيات التي يتلذذ بفك ألغازها الواحد تلو الأخر
أرى الآن نظرتي على كل من حولي وتفكيري الذي لم يدرك حينها أن الحياة أكبر من منظوره الذي ينظر به على جزء ضئيل من تكوين هذا العالم ويظن أنه رأى أعماق الكون وتغلغل فى جوانبه ... عفواً لم تكن ابتسامة بل هي ضحكة ساخرة على تلك المهاترات التي أقحمت نفسي فيها .. عن كل تلك اللحظات التي مرت دون ان اعلم لها جدوى ... حقا يا له من يوم غير تقليدي ها أنا ذلك الشخص الذي يضحك فرحاً وها أنا ذلك الشخص الذي تعلو وجهة ابتسامة كونها الألم والحسرة والاستهزاء .
ابتسامة لكل السادة القضاة الذين ولوا أنفسهم وأصدروا الحكم غيابياً ... تحية وإجلالاً منى فهذا الصبي كان يستمتع بطفولته التي لم يدرك غيرها بينما تحكمون عليه أحكاما وهمية هي من نسج خيالكم ولإرضاء نفوسكم .. فلتقفوا أقوياء ولتعتقدوا إنكم معصومين من الخطأ فلتنظروا كما يحلوا لكم ولكن اعلموا أن هذا الطفل الصغير يرى أخطائكم وينظر لها بإشفاق أكثر مما نظرتم كما يعلم أن نفوسكم الضعيفة ستأبى الاعتراف بخطأها
فلأسدل تلك الستائر السوداء على ما مر .. فانا اعلم تماماً إني سأستيقظ الآن وقد بدأت عهداً جديداً ومرحلة أقوى من سابقتها ..